سورة البقرة تتميز بتعدد أفضالها وفوائدها، ويقرأها كل من يبحث عن البركة في الصحة والعمر والرزق والمال . تم وصفها بأنها فسطاط القرآن الكريم لأنها تجمع أحكام شرعية وتعاليم إسلامية .
سورة البقرة مدنية بالإجماع، وقد روي عن ابن عباس رضي الله عنهما قوله: هذه السورة أول ما نزل بالمدينة، نزلت في مُدَدٍ شتى. وعنه أيضاً: آخر آية نزلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم، آية الربا. وروي أن آخر آية نزلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم، قوله تعالى: {واتقوا يوما ترجعون فيه إلى الله} (البقرة:281). وقد ثبت في "الصحيحين"، عن ابن مسعود رضي الله عنه: أنه صلى الله عليه وسلم رمى الجمرة من بطن الوادي، فجعل البيت عن يساره، ومنى عن يمينه، ثم قال: هذا مقام الذي أنزلت عليه سورة البقرة. وسورة البقرة هي ثاني سور القرآن الكريم بعد سورة الفاتحة بحسب ترتيب المصحف العثماني، وعدد آياتها ست وثمانون ومائتا آية، وهي أطول سورة في القرآن، وفيها أطول آية في القرآن، وهي آية المداينة، وفيها أفضل آية في القرآن، وهي آية الكرسي.
أسماء السورة سميت هذه السورة بعدة أسماء، منها: السنام، والذروة، والزهراء. أما تسميتها بالاسمين الأولين؛ فلقوله صلى الله عليه وسلم: (البقرة سنام القرآن وذروته، نزل مع كل آية منها ثمانون ملكاً) رواه أحمد وغيره. وأما تسميتها (الزهراء)؛ فلقوله صلى الله عليه وسلم: (اقرؤوا الزهراوين: البقرة وسورة آل عمران). وذكر صاحب كتاب (مصاعد النظر) أن من أسمائها (الفسطاط).
ومع أن تسمية هذه السورة بسبب ذكر قصة بقرة بني إسرائيل فيها، بيد أننا نجد سبباً أعظم دلالة من هذا السبب، ألا وهو كون القصة دالة على حال بني إسرائيل مع أوامر الله تعالى، وتعنتهم وتشددهم، وتمنعهم من تلقي أمر الله تعالى، وهذا في غاية المناسبة لسورة البقرة، التي تضمنت تربية المؤمنين على تلقي شريعة الله تعالى؛ ولذلك تضمنت السورة كليات الشريعة وأصولها، فكأن الاسم شعار للمؤمنين؛ ليحذروا من التشبه بأصحاب البقرة. وقد قال الزركشي: "وتسمية سورة البقرة بهذا الاسم؛ لقرينة ذكر قصة البقرة المذكورة فيها، وعجيب الحكمة فيها".
فضل السورة :
- تعطي قراءتها كل ليلة للمسلم بركة وتركها ينزعها عنه وذلك وفقا لحديث رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- في صحيح مسلم :
الْبَطَلَةُ : تعني الأعمال الشريرة التي يأتي بها السحرة .
صَوَافَّ : جمع صَافَّة ، وهي الباسطة أجنحتها في الهواء .
غَيَايَتَانِ : جمع غَيَايَة ، وهي السحابة
فِرْقَانِ : جماعتان .
- هي سنام القرآن أطول سورة في كتاب الله العزيز وعدد آياتها مائتان وست وثمانون آية، كل آية منها تزيد حسنات المسلم والحسنة بعشر أمثالها.
- تحصن البيوت من شر الشياطين، حيث تهرب من المكان الذي يتم قراءة هذه السورة الكريمة فيه ولا تدخله أبداً ، فمن يقرأ سورة البقرة في الصباح بعد أن يصلي الفجر فإن الله يحفظه من كل سوء حتى يُمسي، ومن يقرأها في الليل يحفظه الله حتى يصبح.
فآخر آيتين من سورة البقرة لهما أفضال وبركات كثيرة، وهي تحصن من يقرأهما من كل شر إذا قرأهما كل ليلة قبل نومه ، كما تشتمل على الآية رقم 255 وهي آية الكرسي، أعظم آيات القرآن الكريم والتي تحفظ قارئها من كل شر، فإذا قرأها ليلاً يحميه الله من الشياطين حتى يصبح، ومن قرأها في صباحه وقاه الله من كل الشرور حتى يمسي وذلك وفقا لحديث رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- في صحيح البخاري :
5010 - وَقَالَ عُثْمَانُ بْنُ الْهَيْثَمِ حَدَّثَنَا عَوْفٌ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - قَالَ وَكَّلَنِى رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - بِحِفْظِ زَكَاةِ رَمَضَانَ فَأَتَانِى آتٍ فَجَعَلَ يَحْثُو مِنَ الطَّعَامِ فَأَخَذْتُهُ فَقُلْتُ لأَرْفَعَنَّكَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَقَصَّ الْحَدِيثَ فَقَالَ إِذَا أَوَيْتَ إِلَى فِرَاشِكَ فَاقْرَأْ آيَةَ الْكُرْسِىِّ لَنْ يَزَالَ مَعَكَ مِنَ اللَّهِ حَافِظٌ وَلاَ يَقْرَبُكَ شَيْطَانٌ حَتَّى تُصْبِحَ . وَقَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - « صَدَقَكَ وَهْوَ كَذُوبٌ ذَاكَ شَيْطَانٌ » . طرفاه 2311 ، 3275 - تحفة 14482
وقوله صلى الله عليه وسلم: (يا أبا المنذر! أتدري أي آية من كتاب الله معك أعظم؟ قال: قلت: {الله لا إله إلا هو الحي القيوم}، قال: فضرب في صدري، وقال: (والله ليهنك العلم أبا المنذر) رواه مسلم. وقوله صلى الله عليه وسلم لمن سأله الزواج: (أليس معك آية الكرسي الله لا إله الا هو؟)، قال: بلى، قال: (ربع القرآن) رواه أحمد . وقوله صلى الله عليه وسلم: (وفيها آية هي سيدة آي القرآن، هي آية الكرسي) رواه الترمذي. وقوله صلى الله عليه وسلم: (من قرأ آية الكرسي دبر كل صلاة مكتوبة، لم يمنعه من دخول الجنة إلا الموت) رواه النسائي.
وجاء في فضل خواتيم سورة البقرة بعض أحاديث، نذكر منها: قول جبريل لرسول الله صلى الله عليه وسلم، وكان جالساً عنده: (أبشر بنورين أوتيتهما، لم يؤتهما نبي قبلك: فاتحة الكتاب، وخواتيم سورة البقرة، لن تقرأ بحرف منهما إلا أعطيته) رواه مسلم. وقوله صلى الله عليه وسلم: (الآيتان من آخر سورة البقرة من قرأهما في ليلة كفتاه) متفق عليه. وقوله صلى الله عليه وسلم: (إن الله ختم سورة البقرة بآيتين، أعطانيهما من كنزه الذي تحت العرش، فتعلموهن، وعلموهن نساءكم، فإنها صلاة، وقرآن، ودعاء) رواه الحاكم في "المستدرك"، وقال: هذا حديث صحيح على شرط البخاري. وقوله صلى الله عليه وسلم: (إن الله عز وجل كتب كتاباً قبل أن يخلق السماوات والأرض بألفي عام، وأنزل فيه آيتين، ختم بهما سورة البقرة، لا يقرآن في دار ثلاث ليال، فيقربها شيطان) رواه الطبراني بإسناد جيد. وعن علي رضي الله عنه، قال: ما كنت أرى أحداً يعقل، ينام حتى يقرأ هؤلاء الآيات من آخر سورة البقرة.
- قراءة سورة البقرة يوميا تجعل الإنسان دائمًا في حفظ الله ورعايته محصنًا من شر الإنس والجن.
- يوم القيامة تشفع سورة البقرة لقارئها وتحميه من نار وحرارة هذا اليوم وتقيه من عذاب النار.
- قراءة سورة البقرة باستمرار يزيد المال والرزق بركة ، ويزيد الصحة بركة ويشفي من الأمراض، ويحمي منها.
سورة البقرة بها الكثير من القصص والعبر والمواعظ والتعاليم ، من يتدبر معاني آياتها ويفهم معانيها يشفيه الله ويخرجه من الضيق إلى الفرج ومن الهم والحزن إلى الفرح والسعادة.
المداومة على قراءة سورة البقرة تشرح الصدور، وقيل أنه تطهر البيوت من الحسد والشر ويلاحظ البعض خروج النمل من منزله كإشارة لابتعاد الشرور، ومع الاستمرار في القراءة اليومية يزداد شعور الشخص بالراحة النفسية والسكينة.
المداومة على قراءة سورة البقرة باستمرار يجعل الدعاء مستجابًا، حيث يكون المسلم قريبًا من الله عز وجل يناجيه ويطلب منه الرحمة والمغفرة والتوبة والبركة في كل ما يملك، ومن عجائب هذه السورة أنها تجعل استجابة الدعاء سريعة.
مقاصد السورة
تضمنت السورة الكريمة مقاصد الإسلام الرئيسة وكلياته الأساسية؛ ففيها إقامة الدليل على أن القرآن كتاب هداية ليُتَّبَع في كل حال، وأعظم ما يهدي إليه الإيمان بالغيب، الذي أعربت عنه قصة البقرة، التي مدارها الرئيس على الإيمان بالغيب؛ فلذلك سميت بها السورة؛ لأن إحياء ميت بمجرد ضربه ببعض أجزاء تلك البقرة أقوى دلالة على قدرته سبحانه.
وعلى الجملة، فإن هذه السورة -على طولها- تتألف وحدتها الموضوعية من: مقدمة، وأربعة مقاصد، وخاتمة.
أما المقدمة: فقد تضمنت التعريف بشأن هذا القرآن، وبيان أن ما فيه من الهداية قد بلغ حداً من الوضوح، لا يتردد فيه ذو قلب سليم، وإنما يعرض عنه من لا قلب له، أو من كان في قلب مرض.
والمقصد الأول: يتجه إلى دعوة الناس كافة إلى اعتناق الإسلام، ونبذ ما سواه من الأديان.
والمقصد الثاني: تضمن الحديث عن أهل الكتاب، والدعوة إلى ترك باطلهم، والدخول في دين الإسلام.
والمقصد الثالث: تضمن عرض شرائع هذا الدين تفصيلاً.
والمقصد الرابع: فقد تضمن ذكر الوازع الديني، الذي يبعث على ملازمة تلك الشرائع، ويعظم مخالفتها.
أما الخاتمة: فقد اشتملت على التعريف بالذين استجابوا لهذه الدعوة الشاملة لتلك المقاصد، وبيان ما يرجى لهم في آجلهم وعاجلهم.
وقد ذكر ابن تيمية رحمه الله في "مجموع الفتاوى" كلاماً يطول نقله هنا عن مقاصد هذه السورة، حاصله: أنها اشتملت على تقرير أصول العلم، وقواعد الدين النظرية والعملية.
أخيراً، فقد روى مالك في "الموطأ" أن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما مكث على سورة البقرة ثماني سنين يتعلمها. أي: يتعلم فرائضها وأحكامها، مع حفظه لها. وهذا إن دلَّ على شيء، فإنما يدل على أهمية هذه السورة ومكانتها؛ لما اشتملت عليه من أحكام العقيدة، وأحكام العبادات والمعاملات بأنواعها.