التحصين من الحسد والسحر للشيخ رمضان عبد الرازق | Protection from envy and witchcraft
** " عَنْ أَبِى أُمَامَةَ بْنِ سَهْلِ بْنِ حُنَيْفٍ أَنَّ أَبَاهُ حَدَّثَهُ َعَنْ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- خَرَجَ وَسَارُوا مَعَهُ نَحْوَ مَكَّةَ حَتَّى إِذَا كَانُوا بِشِعْبِ الْخَرَّارِ مِنَ الْجُحْفَةِ اغْتَسَلَ سَهْلُ بْنُ حُنَيْفٍ - وَكَانَ رَجُلاً أَبْيَضَ حَسَنَ الْجِسْمِ وَالْجِلْدِ - فَنَظَرَ إِلَيْهِ عَامِرُ بْنُ رَبِيعَةَ أَخُو بَنِى عَدِىِّ بْنِ كَعْبٍ وَهُوَ يَغْتَسِلُ فَقَالَ مَا رَأَيْتُ كَالْيَوْمِ وَلاَ جِلْدَ مُخْبَأَةٍ . فَلُبِطَ بِسَهْلٍ فَأُتِىَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- فَقِيلَ لَهُ َا رَسُولَ اللَّهِ هَلْ لَكَ فِى سَهْلٍ وَاللَّهِ مَا يَرْفَعُ رَأْسَهُ وَمَا يُفِيقُ. قَالَ « هَلْ تَتَّهِمُونَ فِيهِ مِنْ أَحَدٍ ». قَالُوا َنظَرَ إِلَيْهِ عَامِرُ بْنُ رَبِيعَةَ. فَدَعَا رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- عَامِراً فَتَغَيَّظَ عَلَيْهِ وَقَالَ « عَلاَمَ يَقْتُلُ أَحَدُكُمْ أَخَاهُ هَلاَّ إِذَا رَأَيْتَ مَا يُعْجِبُكَ بَرَّكْتَ ». ثُمَّ قَالَ لَهُ « اغْتَسِلْ لَهُ ». فَغَسَلَ وَجْهَهُ وَيَدَيْهِ وَمِرْفَقَيْهِ وَرُكْبَتَيْهِ وَأَطْرَافَ رِجْلَيْهِ وَدَاخِلَةَ إِزَارِهِ فِى قَدَحٍ ثُمَّ صُبَّ ذَلِكَ الْمَاءُ عَلَيْهِ يَصُبُّهُ رَجُلٌ عَلَى رَأْسِهِ وَظَهْرِهِ مِنْ خَلْفِهِ ثُمَّ يُكْفِئُ الْقَدَحَ ورَاءَهُ فَفَعَلَ بِهِ ذَلِكَ فَرَاحَ سَهْلٌ مَعَ النَّاسِ لَيْسَ بِهِ بَأْسٌ. "
[حديث16402 مسند أحمد] {3/487} تحفة 4660 معتلى 2790 مجمع 5/107
** عَنْ أَبِى أُمَامَةَ بْنِ سَهْلِ بْنِ حُنَيْفٍ قَالَ مَرَّ عَامِرُ بْنُ رَبِيعَةَ بِسَهْلِ بْنِ حُنَيْفٍ وَهُوَ يَغْتَسِلُ فَقَالَ لَمْ أَرَ كَالْيَوْمِ وَلاَ جِلْدَ مُخَبَّأَةٍ. فَمَا لَبِثَ أَنْ لُبِطَ بِهِ فَأُتِىَ بِهِ النَّبِىَّ -صلى الله عليه وسلم- فَقِيلَ لَهُ أَدْرِكْ سَهْلاً صَرِيعًا. قَالَ « مَنْ تَتَّهِمُونَ بِهِ ». قَالُوا عَامِرَ بْنَ رَبِيعَةَ. قَالَ « عَلاَمَ يَقْتُلُ أَحَدُكُمْ أَخَاهُ إِذَا رَأَى أَحَدُكُمْ مِنْ أَخِيهِ مَا يُعْجِبُهُ فَلْيَدْعُ لَهُ بِالْبَرَكَةِ ». ثُمَّ دَعَا بِمَاءٍ فَأَمَرَ عَامِرًا أَنْ يَتَوَضَّأَ فَيَغْسِلَ وَجْهَهُ وَيَدَيْهِ إِلَى الْمِرْفَقَيْنِ وَرُكْبَتَيْهِ وَدَاخِلَةَ إِزَارِهِ وَأَمَرَهُ أَنْ يَصُبَّ عَلَيْهِ. قَالَ سُفْيَانُ قَالَ مَعْمَرٌ عَنِ الزُّهْرِىِّ وَأَمَرَهُ أَنْ يَكْفَأَ الإِنَاءَ مِنْ خَلْفِهِ.
[حديث3638 سنن بن ماجة]
معاني الكلمات الواردة بالحديث :
مُخْبَأَةٍ : المكنونة التي لا تراها العيون .
لُبِطَ : صرع ووقع على الأرض .
علَّمَ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أُمَّتَه حُسْنَ الأدبِ في كلِّ شَيءٍ، ومِن ذلك: الدعاءُ بالبركةِ والخيرِ عند رُؤيةِ ما يُعجِبُ؛ حتَّى تندفِعَ العينُ ولا يقِعَ التَّحاسُدُ بين النَّاسِ.
وفي هذا الحديثِ يَحكي أبو أُمامةَ بنُ سَهلِ بنِ حُنَيفٍ رضِيَ اللهُ عنه، أنَّه: "مَرَّ عامِرُ بنُ ربيعةَ بسَهْلِ بنِ حُنَيفٍ وهو يَغتسِلُ" وكان يغتسِلُ في بِئرٍ في المدينةِ، فقال عامِرٌ رضِيَ اللهُ عنه عندما رأى سَهلًا: "لم أَرَ كاليومِ ولا جِلْدَ مُخَبَّأَةٍ"، أي: ما رأيتُ يومًا مِثلَ ما رأيتُه اليومَ في البَياضِ والنُّعومةِ؛ جِلدًا حَسَنًا جميلًا أجمَلَ مِن جِلْدِ الفَتاةِ المُنعَّمةِ، المُخَبَّأَةِ الممنوعةِ مِن الخُروجِ مِن خِبائِها وخَيمتِها وبيتِها الَّتي لم تتزوَّجْ بعدُ! قال أبو أُمامةَ رضِيَ اللهُ عنه: "فما لَبِثَ أنْ لُبِطَ به"، أي: صُرِعَ سهلُ بنُ حُنيفٍ، وسَقَط مِن قِيام، وذلك مِن أثِرِ العَينِ والحَسدِ، وفي روايةِ الطَّبرانيِّ: "فوُعِكَ سَهلٌ مكانَه، واشتَدَّ وَعْكُه".
قال أبو أُمامةَ: "فأُتِيَ به"، أي: بخَبرِ ما أصابَ سَهلٌ، "النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، فقيل له: أدرِكْ سَهلًا صَريعًا"، أي: مَريضًا لا يَقْوى على القِيامِ، فقال النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: "مَن تتَّهِمونَ به؟ قالوا: عامِرَ بنَ رَبيعةَ". وفي روايةِ الطَّبرانيِّ: "فأخبَرَه سَهلٌ الَّذي كان مِن شأْنِ عامِرٍ"، فقال النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: "عَلَامَ يقتُلُ أحدُكم أخاه؟!"، أي: بالعينِ والحَسدِ، ثُمَّ قال صلَّى الله عليه وسلَّم مُوجِّهًا إلى الأدبِ في مِثلِ هذه المواقِف: "إذا رأى أحدُكم مِن أخيه ما يُعجِبُه فليدْعُ له بالبَركةِ"، أي: أنْ يسأَلَ اللهَ له الزِّيادةَ في الخيرِ.
قال: "ثمَّ دعا"، أي: طلَبَ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، "بماءٍ، فأمَرَ عامِرًا أنْ يَتوضَّأَ، فيغسِلَ وجْهَه ويديه إلى المِرْفقينِ ورُكْبتَيه وداخلةَ إزارِه"، وداخِلُ إزارِه: طرَفُ الإزارِ الَّذي يَلِي الجَسدَ، "وأمَرَه أنْ يَصُبَّ عليه"، وفي روايةِ أحمدَ مِن حديثِ سَهلِ بنِ حُنَيفٍ: "ثمَّ يَصُبَّ ذلك الماءَ عليه رجُلٌ مِن خلْفِه على رأْسِه وظهرِه، ثمَّ يُكْفِئَ القدَحَ. ففُعِلَ به ذلك، فَراحَ سَهلٌ مع النَّاسِ ليس به بأسٌ" وهو كِنايةٌ عن سُرعةِ بُرْئِه، وهذا الأمْرُ لا يُمكِنُ تعليلُه ومعرفةُ وجْهِه؛ إذ ليس في قوَّةِ العقلِ الاطِّلاعُ على أسرارِ جميعِ الأمورِ.
وفي الحديثِ: بيانُ كيفيَّةِ اغتسالِ العائنِ للمُصابِ بالعينِ .
ويقول الدكتور علي جمعة مفتي الجمهورية السابق إن شأن المسلمين في الذكر الاهتمام بما أسموه بالكلمات العشر المباركات وهي كلمات علمها لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم لنواجه بها الحياة كلها وهي «سبحان الله، الحمد لله، لا إله إلا الله، الله أكبر، لا حول ولا قوة إلا بالله [وهذه الخمسة أسموها الباقيات الصالحات] استغفر الله، ما شاء الله، حسبنا الله ونعم الوكيل، إنا لله وإنا إليه راجعون، توكلت على الله ».
فهذه الكلمة التي يقولها الإنسان يذكر نفسه أن ما يراه من رزق حسن له أو لأحد إنما هو بمشيئة الله .
من فوائد هذه الكلمة أنها تمنع الحسد من الشخص، فإن الحسد قوة شيطانية بداخل الإنسان؛ حيث يتمنى زوال ما يرى من نعمة على أخيه، وبهذه الكلمة يتذكر المسلم أن ما يراه هو مشيئة الله سبحانه وحده، وأن هذا التمني هو في الحقيقة اعتراض على قسمة الله عز وجل، فيترك هذا الخلق البغيض ويرضى بما قسم الله، ولا حرج أن يسأل الله أن يرزقه مثل رزق فلان دون أن يزول من رزقه شيء.
جزى الله خيرا كل من ساهم فيه