طيبة مصرية || Egyptian Tiaba طيبة مصرية ||  Egyptian Tiaba
recent

آخر الأخبار

recent

الإحسان للوالدين

الإحسان للوالدين


لقد أمر المولى جل شأنه في عدد من آيات القرآن الكريم بالإحسان إلى الوالدين وعدم التأفف من ذلك، فقال تعالى :{ وَقَضَى رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِندَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلاَهُمَا فَلاَ تَقُل لَّهُمَا أُفٍّ وَلاَ تَنْهَرْهُمَا وَقُل لَّهُمَا قَوْلاً كَرِيماً(23) وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُل رَّبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيراً(24)} [ الإسراء23/24 ] وقال تعالى : { وَاعْبُدُواْ اللّهَ وَلاَ تُشْرِكُواْ بِهِ شَيْئاً وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً } [ النساء 36 ] .
فقد ألزم الله وأمر وأوجب ألا يُعبد غيره، وأن يُحسن إلى الوالدين إحساناً تاماً غير ناقص، إحساناً ملؤه الوفاء ورد الجميل، لأنهما سبب الوجود والتربية فلا إنعام بعد إنعام الله تعالى أعظم من إنعام الوالدين، فهما لا يطلبان إنعاماً ولا ثواباً من أبنائهما، لما يتميزون به من عفة النفس والسؤدد فما يقومان به وما يقدمانه بغير عوض، فلا يطلبان جزاءً ولا شكوراً، ولكن ذلك واجب على الأبناء { هَلْ جَزَاء الْإِحْسَانِ إِلَّا الْإِحْسَانُ } [ الرحمن60 ] فالوالدان لا يقطعان عن أبنائهما موارد الكرم ولو كان الابن غير بار، وهذا واضح مجرب ملموس .

وهما يريدان أن يكون الابن بأعلى المراتب والمناصب وذلك من غاية شفقتهما على الولد، فهما لا يحسدان ولدهما إذا كان أفضل منهما بل يتمنيان له ولاخوته مزيد الرفعة والعلو في هذه الدنيا والآخرة، فكان من حقهما على أبنائهما الإحسان إليهما بكل ما يصل بيد الابن من خير يستطيع تقديمه لهما خصوصاً إذا كبر أحدهما أو كبر الاثنان، فيجب العناية بهما ورعايتهما، فإذا وصلا إلى حال الضعف والكبر والعجز وصارا عندك في آخر العمر كما كنت عندهما في أوله، وجب عليك أن تحنوا عليهما وتشفق عليهما وتتلطف لهما، وتعاملهما معاملة الشاكر لمن أنعم عليه، على أن الفضل لهما أولاً وآخراً بعد الله عز وجل .
ومن الإحسان إليهما عدم التأفف من شئ تراه أو تشمه من أحدهما أو منهما مما يتأذى به الناس ولكن اصبر على ذلك وأحتسب الأجر عليه من الله جل وعلا كما صبرا عليك في صغرك، وأحذر الضجر والملل قليلاً أو كثيراً، وعليك بالرفق واللين معهما والله لا يضيع اجر من أحسن عملاً0
ومن الإحسان إليهما أن لا تنقص عليهما ولا تكدرهما بكلام أو فعل لا يرضيانه، ولا تزجرهما ولا ترفع صوتك فوق صوتهما، ولا تخالفهما على سبيل الرد عليهما والتكذيب لهما، فإن فعلت ذلك فابشر بالخير الجزيل من الكريم الجليل .
ومن الإحسان إليهما مخاطبتهما بلطف واختيار الكلام الحسن الطيب المقرون بالاحترام والتواضع لهما ولين الجانب، وأحذر أن تحدق بعينيك في وجههما فإن ذلك من العقوق، أرشدهما وعلمهما الخير والإحسان والدين إذا كان جاهلين ببعض الأحكام، أرشدهما بالأدب والمرؤة0
خاطبهما بلطف ولا تدعوهما بأسمائهما ولكن قل، يا أبي، يا أمي، يا والدي، يا والدتي، وانظر إليهما بعين الرأفة والرحمة والتواضع، فإن فعلت ذلك فإنك من المحسنين بإذن رب العالمين .
ومن الإحسان إليهما أن تدعو لهما بالرحمة، كما قال تعالى : { وقل رب أرحمهما كما ربياني صغيراً } وأي شئ يرجوه الإنسان بعد رحمة الله له، فوجب عليك أيها الابن أن تدعو لهما بالرحمة من الله تعالى لما بذلاه من جهد وتعب معك من قبل الولادة إلى أن أصبحت شاباً يافعاً فيا ليت شعري، أين شباب اليوم من البر والإحسان بالوالدين، ولا أقول إلا اللهم لا تجعلنا بأبنائنا أشقياء، وارزقنا ذرية صالحة تنفعنا في الدنيا والآخرة، واجعلنا بارين بآبائنا محسنين إليهما، واجعل أبنائنا بارين بنا محسنين إلينا، فإنك أنت الجواد الكريم .
جاء رجل إلى النبي r يستأذنه في الجهاد فقال r : (( أحي والداك ؟)) قال : نعم، قال : (( ففيهما فجاهد)) [ متفق عليه ] .
وفي رواية لهما : أقبل رجل إلى النبي r فقال : أبايعك على الهجرة والجهاد أبتغي الأجر من الله تعالى، قال: (( فهل من والديك أحد حي ؟)) قال: نعم بل كلاهما، قال : (( فتبتغي الأجر من الله تعالى ؟)) قال: نعم، قال: (( فارجع إلى والديك فأحسن صحبتهما)) [ متفق عليه ] .
وإني والله ! لأتسائل أين الشباب والشابات في هذا الزمان عن هذين الحديثين ؟ أين الأبناء والبنات عن حقوق الوالدين؟ والله إنه تضييع وتفريط لا مثيل له ولا شبيه، ولا ند له ولا نظير ، وما ذاك إلا بسبب الابتعاد عن الدين والعكوف على الخليع من القنوات والفضائيات والإنترنت، حتى أصبح أولئك الشباب لا يفرقون بين القريب والبعيد، بين الوالدين وغيرهما، فلا يرى الوالدان من الأبناء إلا كل جفاء، ولا يسمعون إلا أصواتاً كالرعد القاصف، ألفاظاً نابية وكلمات حقيرة مدوية، فلعن وسب، وشتم وقذف .
فلا حول ولا قوة إلا بالله، اللهم أنا نعوذ بك من ولد يشيبنا قبل المشيب ، أو يكون علينا وبالاً ، أين أولئك العاقين عن قول النبي r : (( الوالد أوسط أبواب الجنة)) ؟ [ الترمذي وابن ماجه بسند صحيح ] .
وقال r : (( رضى الرب في رضى الوالدين وسخطه في سخطهما))
فأي فلاح وأي نجاح يرجوه أولئك العاقون لوالديهم فوالله لا فلاح لهم ولا رفعة إلا بالإحسان إلى الوالدين والبر بهما وطاعتهما فيما يأمران وفيما ينهيان ، فقد أخبر بذلك نبي الهدى والرحمة عليه أفضل الصلاة وأتم السلام بقوله :(( من سره أن يمد له في عمره ويزاد له في رزقه، فليبر والديه وليصل رحمه)) [ أحمد ] ولا شك أن من الإحسان إلى الوالدين برهما وصلة رحمهما وغير ذلك من أمر البر والصلة .

المصدر: منتديات شبوه نت
جزى الله خيرا كل من ساهم فيه

التعليقات



إذا أعجبك محتوى مدونتنا نتمنى البقاء على تواصل دائم ، فقط قم بإدخال بريدك الإلكتروني للإشتراك في بريد المدونة السريع ليصلك جديد المدونة أولاً بأول ، كما يمكنك إرسال رساله بالضغط على الزر المجاور ...

جميع الحقوق محفوظة

طيبة مصرية || Egyptian Tiaba

2021