طيبة مصرية || Egyptian Tiaba طيبة مصرية ||  Egyptian Tiaba
recent

آخر الأخبار

recent

طاعة الوالدين

 طاعة الوالدين

ومما أمر الله به الأبناء طاعة الوالدين في كل ما أمرا به ودعيا إليه ما لم يكن في ذلك معصية لله عز وجل ، فإنه لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق سبحانه ، وفي ذلك قال تعالى : { وَإِن جَاهَدَاكَ عَلى أَن تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفاً وَاتَّبِعْ سَبِيلَ مَنْ أَنَابَ إِلَيَّ ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ } [ لقمان 15 ] .
فطاعة الوالدين من أوجب الواجبات ولو كانا كافرين أو فاسقين عاصيين، غير أنه لا طاعة لهما في معصية الله جل وعلا ، فإذا دعا الأبوان الأبناء إلى أي معصية لله عز وجل أو لرسوله r فلا طاعة لهما في ذلك ، وإنما الطاعة بالمعروف ، ويجب لين الجانب لهما وتعريفهما أن في ذلك معصية توجب غضب الجبار سبحانه ، وإخبارهما بما يدل على عدم طاعتهما في حال المعصية بما ورد في كتاب الله وسنة نبيه r .
ففي طاعتهما الخير العظيم ، والأجر الجزيل من الله تعالى في الدنيا والآخرة ، أما عصيانهما ففيه شر وفساد جسيم ، ووبال كبير ، أيضاً في الدنيا والآخرة ، وكما ذكرنا أن الطاعة في المعروف ، فطاعة الوالدين واجبة في كل أمر إلا أمراً فيه معصية .
عن بن عمر رضي الله عنهما قال : كانت تحتي امرأة وكنت أحبها ، وكان عمر- أي عمر بن الخطاب والده - يكرهها فقال لي : طلقها : فأبيت ، فأتى عمر t النبي r فذكر ذلك له ، فقال النبي r : (( طلقها)) [ أبو داود والترمذي وقال حسن صحيح ] .
فعمر بن الخطاب t الخليفة الراشد الذي وافق القرآن في عدة مواضع لم يأمر ابنه عبدالله بطلاق زوجته دون سبب شرعي وإنما كان هناك سبب لم يخبر به ابنه فلذلك أمره بطلاقها ، وأمره r بطاعة والده بطلاقها ، فعمر t كان يرى مالا يراه ابنه فأمره بطلاقها لضعفها في دينها .
فطاعة الوالدين واجبة في كل أمر من الأمور التي يفرضها الإسلام ، فعن أبي الدرداء t قال : أوصاني رسول الله r بتسع : (( ...... وأطع والديك ، وإن أمراك أن تخرج من دنياك ، فاخرج لهما...)) [ رواه البخاري في الأدب المفرد وحسنه الألباني ] .
وعن طيلسة بن مياس قال : كنت مع النجدات - قوم من الحرورية - فأصبت ذنوباً لا أراها إلا من الكبائر ، فذكرت ذلك لابن عمر قال : ماهي : قلت : كذا وكذا ، قال : ليست هذه من الكبائر ، هن تسع : ((الإشراك بالله ، وقتل نسمة ، والفرار من الزحف ، وقذف المحصنة ، وأكل الربا ، وأكل مال اليتيم ، وإلحاد في مسجد ، والذي يستسخر، وبكاء الوالدين من العقوق ، قال لي بن عمر : أتفرق - أتخاف - من النار وتحب أن تدخل الجنة ؟ قلت : أي والله ، قال : أحي والداك ؟ قلت : عندي أمي ، قال : فوالله لو ألنت لها الكلام وأطعمتها الطعام لتدخلن الجنة ما اجتنبت الكبائر )) [ السلسلة الصحيحة ] .
فطاعة الوالدين سبب لدخول الجنة ، ولذلك قال العلماء إذا أمر الوالدان الابن بطلاق زوجته ، فإنه لا يجب عليه طاعتهما ولا يكون ذلك من قبيل العصيان أو العقوق لهما ، إلا أن يكون منها ـ أي الزوجة ـ سوء خلق وأدب نحو الأبوين ، أو ضعف في دينها بحيث لا تقوم بما أمر الله به من أوامر مثل : أداء الصلوات أو الصيام أو غير ذلك ، ففي هذه الحالة يتم مناصحتها فإن أطاعت فالحمد لله ، وإن أبت فلا بد من طاعة الوالدين في طلاقها ، ولهذا لما جاء رجل إلى الإمام أحمد بن حنبل وسأله ، قال : إن أبي يقول : طلق امرأتك ، وأنا أحبها ، قال : لا تطلقها ، قال : أليس عمر بن الخطاب أمر ابنه عبدالله أن يطلق امرأته ، قال : حتى يكون أبوك مثل عمر.
قال الشيخ محمد بن عثيمين في شرحه على رياض الصالحين : [ لأن عمر نعلم علم اليقين أنه لن يأمر عبدالله بطلاق زوجته إلا لسبب شرعي ، وقد يكون ابن عمر لم يعلمه ، لأنه من المستحيل أن عمر يأمر ابنه بطلاق زوجته ليفرق بينه وبين زوجته بدون سبب شرعي ، فهذا بعيد] .
وعلى هذا فإذا أمرك أبوك أو أمك بأن تطلق امرأتك ، وأنت تحبها ، ولم تجد عليها مأخذاً شرعياً فلا تطلقها ، لأن هذه من الحاجات الخاصة التي لا يتدخل أحد فيها بين الإنسان وبين زوجته انتهى .
وعن أبي الدرداء t أن رجلاً أتاه قال : إن لي امرأة وإن أمي تأمرني بطلاقها ؟ فقال سمعت رسول الله r يقول : (( الوالد أوسط أبواب الجنة ، فإن شئت فأضع ذلك الباب أو احفظه )) [ صحيح أخرجه الترمذي وابن ماجة ] .
ولا يعارض هذا الحديث الذي قبله وقلنا أنه لايطاع الوالدان في طلاق الزوجة إلا إذا كانت تؤذي الوالدين بفعل أو كلام قبيح , أو لم تكن تصلي أو كانت عاصيه لزوجها كخروجها سافرة كاشفة أو ماأشبه ذلك من الأمور المحرمة ولم تنته عن ذلك الأمر فوجب حينئذ طاعة الوالدين بطلاقها . وطاعة الوالدين وبرهما مقدم على جميع نوافل الأعمال , ولهذا بوب مسلم في صحيحه باب تقديم بر الوالدين على التطوع بالصلاة وغيرها , ثم ذكر قصة جريج الراهب وهي كما ذكرها الإمام مسلم في صحيحه قال : عن أبي هريرة t أنه قال : وكان جريج رجلاً عابداً فاتخذ صومعة فكان فيها فأتته أمه وهو يصلي فقالت ياجريج فقال يارب أمي وصلاتي فأقبل على صلاته فانصرفت فلما كان من الغد أتته وهو يصلي فقالت : ياجريج , فقال : يارب أمي وصلاتي فاقبل على صلاته , فانصرفت , فلما كان من الغد أتته وهو يصلي , فقالت : ياجريج , فقال : أي رب أمي وصلاتي فاقبل على صلاته , فقالت : اللهم لاتمته حتى ينظر إلى وجوه المومسات ـ يعني الزانيات ـ فتذاكر بنو إسرائيل جريجاً وعبادته وكانت امرأة بغي يتمثل بحسنها فقالت إن شئتم لأفتننه لكم , قال : فتعرضت له فلم يلتفت إليها فأتت راعياً كان يأوي إلى صومعته فأمكنته من نفسها فوقع عليها فحملت فلما ولدت قالت : هو من جريج , فأتوه فأنزلوه وهدموا صومعته وجعلوا يضربونه , فقال : ما شأنكم , قالوا : زنيت بهذه البغي فولدت منك , فقال : أين الصبي فجاءوا به , فقال : دعوني حتى أصلي فلما انصرف أتى الصبي فطعن في بطنه , وقال : ياغلام من أبوك ؟ قال : فلان الراعي , فأقبلوا على جريج يقبلونه ويتمسحون به وقالوا : نبني لك صومعتك من ذهب, قال : لا أعيدوها من طين كما كانت ففعلوا .
فانظر كيف أدّى عصيان الوالدين إلى أن أفتتن رجلاً عابداً , عن أبي هريرة t قال : قال رسول الله r : (( ثلاث دعوات لا ترد : دعوة الوالد لولده ، ودعوة الصائم ، ودعوة المسافر )) [ حسن وهو في صحيح الجامع الصغير وزيادته ] .
وقال r : (( ثلاث دعوات مستجابات لا شك فيهن ، دعوة الوالد على ولده ، ودعوة المسافر ، ودعوة المظلوم )) [ حسنه الألباني في صحيح الجامع الصغير ] .
فما أصاب جريج العابد كان بسبب دعوة أمه عليه، فدعوة الوالدين من الدعوات التي يستجاب لصاحبها .
فتجب طاعة الوالدين فيما أمر به ما لم يكن ذلك الأمر معصية، فهما الجنة والنار، من أطاعهما فقد امتثل أمر ربه وأمر رسوله r بطاعتهما وحصل له مقصود هذه الطاعة من زيادة الخير والرزق وبركة العمر وزيادته، والفوز بالجنة بإذن الله تعالى، ومن عصاهما فقد عصى الله تبارك وتعالى واستحق سخطه فهو قريب من النار والعياذ بالله ، وسيقع له مثل ما فعل بأبويه من أبنائه ، لأن هذا دين كما أخبر بذلك المصطفى r فقال : (( بروا آباءكم تبركم أبناؤكم )) .
فإنه لا سعادة ولا فوز للإنسان إلا في رضى والديه عنه ، فكم من أناس حُرموا لذة الحياة الدنيا بسبب عقوق الوالدين وعصيانهما ، فهم من نكد إلى نكد ، ومن مصيبة إلى أخرى ، فكانت عاقبتهم وخيمة، وخاتمتهم سيئة ، بسبب عقوق للوالدين .
وعلى العكس من ذلك من بَرَ والديه وأطاعهما وداوم على ذلك ولم يتأفف أو يتضجر من ذلك فاز برضى ربه سبحانه ، لأن رضى الرب في رضى الوالدين ، وسخطه من سخطهما .


المصدر: منتديات شبوه نت
                               جزى الله خيرا كل من ساهم فيه

التعليقات



إذا أعجبك محتوى مدونتنا نتمنى البقاء على تواصل دائم ، فقط قم بإدخال بريدك الإلكتروني للإشتراك في بريد المدونة السريع ليصلك جديد المدونة أولاً بأول ، كما يمكنك إرسال رساله بالضغط على الزر المجاور ...

جميع الحقوق محفوظة

طيبة مصرية || Egyptian Tiaba

2021